التلوث بالزرنيخ

اعداد الطالب /تاج الدين محمدين يحي محمد

                                        مقدمة

       اصبحت مشكلة البيئة تلقي اهتماما اكبر في دول العالم ، منذ زمن ليس ببعيد .وقد برزت هذه المشكلات نتيجة للوتيرة المتزايدة لاستغلال موارد البيئة ، التي بلغت ذروتها ،في النصف الثاني من القرن العشرين ،واستنفدت بعض المصادر الطبيعية ولوثت الوسط ، وافسدت قدرة الانظمة البيئية علي التجديد التلقائي واخلت بقدراتها .

واصبح مشكلة التلوث بانواعه المختلفه من اكبر المشكلات التي تحتاج الي دراسة من قبل علماء البيئة والجغرافيا والمختصين في مجال البيئة والتلوث باشكاله المختلفه لها أثار علي البيئة والحياة الحيوانية والنباتية بصورة عامة.

تتكون القشرة الارضية من عدد كبير من الصخور النارية والرسوبية والمتحولة ويتكون الصخر من معدن واحد او اكثر، وقد  استقر تعريف المعدن منذ زمن طويل علي انه المركب الذي يكون في الطبيعة وله تركيب كيميائي من الاكاسيد والكبريت والكربونات والسليكات ...الخ.

كما توجد بعض الفلزات علي هيئة بدائية مثل الذهب والحديد والنحاس وغيرها من المعادن  ومن المعروف انه  يوجد في الطبيعة حوالي( 109) عنصراً طبيعياً يشملهم الجدول الدوري للعناصر ومنهم (15) معدناً يحتاجهم الجسم البشري ليؤدي وظائفه علي النحو السليم . وعندما بدا الانسان يهتم في العصر الحديث بالتلوث المتفاقم الذي يحدث في الطبيعة اتجهت الدراسات الي مايسمي بالسميات .

وتعرف السميات بأنها المواد الكيميائية والمواد التي تتكون في الطبيعة او عن طريق التصنيع وتسبب ضرر للانسان والحيوان والنبات ويعتبر مادة الزرنيخ من المواد التي تؤثر في تلوث البيئة وله اثار وخيمه علي البشرو في هذا السمنار نتناول مادة الزرنيخ أثاره واضراره واشكال وجوده في الطبيعة معا ايجاد بعض الحلول لتوقي الحيطة والحذر من مادة الزرنيخ.     

مفهوم التلوث

يعرف قانون البيئة 4/1994م تلوث الهواء علي انه (كل تغير في خصائص ومواصفات الهواء الطبيعي يترتب عليه خطر علي صحة الانسان والبيئة ، سوا ء كان هذا التلوث ناتج عن عوامل طبيعية او عن نشاط انساني .

التلوث في القراءن:

قوله تعالي(وان من شيئً الأ عندنا خزائنه وماننزله الي بقدر معلوم).

وقوله تعالي(ان كل شيئ خلقناه بقدر)هذا الوجود مقدر ومقنن والقله في شيئ يقابلها زيادة في شيئ اخر، وان اكثر الناس لم يدركو ان الزيادة والنقصان ماهي الي حكمة بالغة وهي اتزان الكون وثباته فمثلاً هناك الحياة والموت والغني والفقر والشروق والغروب والليل والنهار ...الخ.فنجد ان شيئ في هذا الكون ثنائي الأ الله سبحانه وتعالي.ومن الملوثات التي تضر بالبيئة سوف نبدا بسرد تاريخي عن بداية معرفة مركبات الزرنيخ عبر العصور.

عنصر الزرنيخ

عرفت مركبات الزرنيخ منذ العصور القديمه وقد تم فصله بهيئته المعدنية منذ اكثر من سبعمائة عام مضت وقد استحدم القتله تلك الخاصية في قتل الضحية قتلاً بطيئاً باسباب تبدو طبيعية وذلك لان الجرعات الكبيرة التي توجد بكميات كبيرة في الماء اذا تم تناولها يسبب التدهور السريع والموت .

     ترتفع مناسيب مادة الزرنيخ بشكل طبيعي في المياه الجوفية بعدد من البلدان وهذه المادة شديدة السمية في شكلها غير العضوي . وتمثل المياه الملوثه بمادة الزرنيخ  التي تستخدم لاغراض الشرب واعداد الطعام وري المحاصيل الغذائية اكبر خطر يحيق بالصحة العمومية.

     تدخل مركبات الزرنيخ في صناعة المبيدات الحشرية وصناعة الفراء وحفظ الجلود الحيوانية والاخشاب وتستخدم بجرعات دقيقة في تحضير بعض العقاقير الطبية  وبعض الدهانات

 مادة الزرنيخ من العناصر الطبيعية المكونة لقشرة الارض وتتوزع علي نطاق واسع في جميع انحاء البيئة من ماء وهواء وتربة وهي شديدة السمية في شكلها غير العضوي. ويتواجد في المياه الجوفيه الملوثة بمادة الزرنيخ من اكبر الاخطار المحيطة بالصحة العمومية .وترتفع مناسيب مادة الزرنيخ بشكل طبيعي في المياه الجوفيه بعدد من البلدان ومنها الارجنتين.

يكمن اكبر خطر يشكله الزرنيخ علي الصحة العمومية في مياه الشرب ويحدث ذلك نموذجيه عن طريق استهلاك مياه تحتوي علي تركيزات منخفضه من الزرنيخ غير العضوي لفترات طويله.

ويظهر التسمم بالزرنيخ عاليه في المياه الجوفيه عادة خلال فترة تتراوح بين خمسة سنوات وعشرين سنه.

ويدخل الزرنيخ طبقات المياه الجوفيه من خلال انحلال المعادن والخامات الذي يخلق تركيزات عاليه في المياه الجوفيه في بعض المناطق

في عام 1983 تم تحديد اول حالات اصابه بافات الجلد بسبب الزرنيخ في الهند وكان ذلك لدي مرضي من غرب البغال  ، ولكن بحلول عام 1987م تم تحديد حالات لدي مرضي مدن بنغلاديش  المجاوره.

يوجد الزرنيخ منتشرا في القشرة الارضية متحدا مع بعض العناصر مثل الاكسجين والكلور والكبريت متكوناً معدن الزرنيخ كثلاثي كبريتيد او ثنائي كبريتيد الزرنيخ المتحد مع الاكسجين مكوناً زرنيخاًغير عضوى اما الزرنيخ المتحد مع الكربون والهيدروجين  فيسمي زرنيخاً عضوياً

نماذج لبعض الدول التي تأثرة بالزرنيخ

قصة تلوث المياه الجوفية بالزرنيخ في بنغلادش هي لوحدها قصة ماساوية فالكثير من الناس قتلوا بسبب هذا  التلوث واصابت امراض الاسهال العالم النامي لمدة طويلة باعتبار هذا المرض سبب رئيسي للوفاة خصوصا عند الاطفال فقبيل عام حصلت بنغلادش معدلات الوفيات الاعلى للاطفال الرضع في العالم.فعملية تنقية المياه الغير فعالة وانظمة الصرف الصحي فضلا عن الرياح الموسمية والفياضانات المتكررة عملت على تزايد هذه المشكلة . كحل لهذه المشكلة دعا اليونيسيف والبنك الدولي الى استخدام الابار للاستفادة من المياه الجوفية العميقة لايجاد حل سريع وغير مكلف وتنيجة لذلك شيدت الملايين من الابار، وبسبب هذا الاجراء انخفضت معدلات وفيات الاطفال ومرض الاسهال بنسبة 50% ومع اكثر من 8 ملايين من الابار التي شيدت فقد تبين على مدى العقدين الماضيين ان واحدا تقريبا من كل خمسة من هذه الابار ملوثة حاليا بالزرنيخ بحسب المستوى المسموح به لشرب الماء من قبل الحكومة. في دلتا نهر الجانج عادة ما تزيد الابار المتضررة عن 20 متر ويقل عمقها عن 100 مترفالمياه الجوفية الاقرب الى السطح امضت عادة وقتا اقل في باطن الارض لذلك من المحتمل ان امتصاص الزرنيخ عندها سيكون اقل؛ اما المياه الاعمق من 100 متر فتتعرض لرواسب اقدم بكثيرمتشبعة اصلا بمادة الزرنيخ الجوفية العميقة لايجاد حل سريع وغير مكلف وتنيجة لذلك شيدت الملايين من الابار. في ولايات البنغال الغربية لفت الانتباه الدولي الى هذه الازمة في عام 1995 فبداية تحقيقه كانت في غرب البنغال عام 1988 وفي النهاية نشر التحقيق عام 2000 نتائج الدراسة التي اجريت في البنغلادش انطوت على تحليل آلاف من عينات المياه وكذلك الشعر والاظافر ووجد الباحثون حوالي 900 قرية ملوثة بالزرنيخ فوق الحد الاقصى لما وضعته الحكومة. Dipanker Chakraborti انتقد الوكالات قائلا انهم نفوا وجود هذه المشكلة خلال التسعينات بينما غرقت الملايين من الابار الانبوبية لاحقا وكالات الاغاثة وظفت الخبراء الاجانب الذين اوصوا باستخدام محطات المعالجة بالنبات والتي لم تكن مناسبة للظروف وكانت تتوقف بشكل مستمر او التي لم تكن تزيل الزرنيخ يقول Dipanker Chakraborti ان وضعية الزرنيخ في بنغلادش وفي ولاية البنغال الغربية يعود الى الاهمال.ويضيف قائلا ان المياه في ولاية البنغال الغربية في معظمها يتم توفيرها من الانهار فيما المياه الجوفية تاتي من الابار الانبوبية العميقة والتي هي قليلة العدد في الولاية. بسبب العدد المنخفض للابار الانبوبية العميقة فان خطر المرضى المتاثرون بالزرنيخ اقل نسبيا في ولاية البنغال وفقا لمنظمة الصحة العالمية في بنغالادش وغرب البنغال الهند وبعض المناطق الاخرى فان اكثر المياه المستخدمة للشرب كانت تجمع من الابار المحفورة المفتوحة ومن البرك المحتوية على كميات قليلة او معدومة من الزرنيخ لكن الماء الملوث بالزرنيخ يؤدي الى الاصابة بالامراض مثل الاسهال والزحار والتيفويد والكوليرا والتهاب الكبد هناك الكثيرمن المواقع في جميع انحاء الولايات المتحدة حيث المياه الجوفية تحتوي على تركيزات عالية من الزرنيخ بشكل طبيعي  .            قضايا المياه الجوفية ذات السمية الشديدة بفعل الزرنيخ مثل تلك التي وجدت في بنغلاديش هي قضايا غير معروفة في الولايات المتحدة حيث ركزت على دور الزرنيخ كمادة مسرطنة ولقد ظلت مشكلة التركيزات العالية للزرنيخ تخضع لتدقيق اكبر في السنوات الاخيرة بسبب تغيير الحكومة لمعايير الزرنيخ في مياه الشرب بعض المواقع في الولايات المتحدة مثل فالون نيفاد المعروفة منذ فترة طويلة بوجود المياه الجوفية العالية التركيز لمادة الزرنيخ نسبيا اكثر من 0 08 ملغ  لتر وحتى بعض المياه السطحية مثل نهر الاخضر في ولاية اريزونا حيث يتجاوز مستوى الزرنيخ احيانا 0 01 ملغم  لتر خاصة خلال فترات انخفاض التدفق عندما يسيطر تدفق النهر على تصريف المياه الجوفية

* في نيبال توجد مشكلة كبيره جداً مع الزرنيخ ولاسيما في منطقة تيراي  والاسوا من ذلك يكمن بالقرب من حي ناوالباراسى حيث ان 26% من الابار الضحلة فشلت في الوصول الى المعيار الذي حددته منظمة الصحة العالمية وهو 10 اجزاء في المليار. وايضا في دراسة اجرتها الوكالة اليابانية للتعاون الدولي     في وادي كاتماندو بما يخص حفر الابار العميقة  71.6%اخفقت في تلبية معايير منظمة الصحة العالمية و11.9% ايضا اخفقت في تلبية معايير نيبال ب50 جزء في المليار..

التسمم بالزرنيخ موجود منذ  القدم

عرفت مركبات الزرنيخ منذ العصور القديمة و قد تم فصله بهيئته المعدنية منذ أكثر من سبعمائة عام مضت. و يعتبر عنصر الزرنيخ غير العضوي سام بشكل حاد وسريع. و قد استخدم القتلة تلك الخاصية في قتل الضحية قتلا بطئيا بأسباب تبدو طبيعية. و ذلك لأن الجرعات الكبيرة – التي تفوق بكثير الموجودة في بالماء – تسبب التدهور السريع و الوفاة . أما التعرض البطيء، كما يحدث في تلوث المياه بكميات ضيئلة يسبب آثاراً متعددة، بعيدة المدى. و تحتاج أثار التسمم بالزرنيخ إلى عدد من الأعوام ( و بالتحديد من5-20 عاما)  كي تظهر. و يتسبب التعرض لعنصر الزرنيخ من خلال مياه الشرب في سرطان الجلد و المثانة و الكلى إلى جانب التغيرات الجلدية مثل فرط التقران ( لطخات صلبه) و التغييرات الصيفية. و يقدر أن يموت في النهاية ، شخص واحد من عشرة أشخاص ممن يشربون مياه تحتوي على خمسمائة مجم أو أكثر من الزرنيخ لكل لتر ماء من سرطان الرئة والمثانة و الجلد. أما التعرض المهني لعنصر الزرنيخ فهو أساسا عن طريق الاستنشاق، وقد أبلغ عن زيادة مخاطر الإصابة بسرطان الرئة في حالات التعرض التراكمي لمستوي 0.75 مجم أو أكثر من الزرنيخ لكل متر مكعب. و قد يمتد هذا الى نحو خمسة عشر عاما من التعرض في غرفة العمل إلى تركيز خمسين ميكرون لكل متر مكعب. كما وجد أن التبغ يتفاعل مع عنصر الزرنيخ في زيادة مخاطر التعرض لسرطان الرئة.

 التاثيرات البعيدة المدي الناتجة عن التعرض لعنصر الزرنيخ

1.     آفات الجلد و سرطان الجلد.

2.     السرطانات الداخلية مثل المثانة و الكلى و الرئة.

3.     التأثيرات العصبية مثل اعتلال الأعصاب و الاعتلال الدماغي

4.     ارتفاع ضغط الدم و مرض القلب.

5.     مرض الرئة

6.     أعراض هضمية.

7.     تثبيط نقي العظم.

8.     تدمير كرات الدم الحمراء.

9.     تضخم الكبد.

10.   أمراض الأوعية الدموية و تشمل اضطراب الأوعية المحيطية مثل مرض القدم السوداء الذي يحدث في تايوان و قد سمي بذلك لإمكانية تسببه في حدوث غرغرينة في القدم.

ضحايا الزرنيخ

(ملك فرنسا الرابع كاد ان يقتل في عام 1384م ـ نابليون بنابورت مات بالزرنيخ ووضعه له طبيبه البريطاني ـ الزعيم الروسي استالين ـ قصة تسميم اخناتون مصر عن طريق الكهنة ـ فيدال كاستروا الرئيس الكوبي السابق ـ خالد مشعل سمم من قبل الاسرائلين )

الحلول المقترحة

1ـ من الاستراتجيات البديلة الخاصه بتخفيف المضار الاستعاضة بالمياه التي توفرها مصادر اخري اقل تلوثاً مثل المياه السطحيه ومياه الامطار.

2 . يجب التقليل من استهلاك مياه الشرب الغنيه بالزرنيخ.

3 . الاعتماد علي الابار التي لاتقل عمقها عن 200متر

4 . برامج التثقيف بمضار الزرنيخ

التوزع الجغرافي للزرنيخ

اكتشف الزرنيخ في مكامن مائية تقع عادة أسفل دلتاوات الأنهار في مناطق مختلفة من العالم (المناطق الملونة باللون الأحمر، في الشكل الأيسر). وجد أعلى تركيز للزرنيخ في بنغلاديش في المناطق الجنوبية (الشكل السفلي الأيمن) ويبدو أن سبب ذلك يعود إلى تراكم الزرنيخ حينما غسلت مياه نهري گانگا وبراهما پوترا التربة من جبال الهيملايا وانتهت في خليج البنغال. إن الزرنيخ الذي يوجد في ترسبات طينية ضحلة وحديثة نسبيا ينحل في الماء الأرضي بعمليات مازالت موضع جدل. يعتقد أن المكامن المائية التي يتجاوز عمقها 200 متر خالية من الزرنيخ (الشكل السفلي الأيسر).

المراجع

1 .محمد محمود سليمان، دور الجغرافية في حل المشكلات البيئية ، مجلة جامعة دمشق  العدد (1+2) ، 2000م

. www.alommagzing.com .2 

هل أعجبك الموضوع ؟