تابع جديد مدونتنا على الفيسبوك اضغط هنا للذهاب لصفحتنا

مفهوم التنمية


مقدمة
شهد العالم خلال العقود الثلاثة الماضية إدراكا متزايدا بأن نموذج التنمية الحالي (نموذج الحداثة) لم يعد مستداما، بعد أن ارتبط نمط الحياة الاستهلاكي المنبثق عنه بأزمات بيئية خطيرة مثل فقدان التنوع البيئي، وتقلص مساحات الغابات المدارية، وتلوث الماء والهواء، وارتفاع درجة حرارة الأرض(الدفء الكوني)، والفيضانات المدمرة الناتجة عن ارتفاع منسوب مياه البحار والأنهار، واستنفاد الموارد غير المتجددة، مما دفع بعدد من منتقدي ذلك النموذج التنموي إلى الدعوة إلى نموذج تنموي بديل مستدام يعمل على تحقيق الانسجام بين تحقيق الأهداف التنموية من جهة وحماية البيئة واستدامتها من جهة أخرى. وفي هذا السياق يشير كل من سوزان وبيتر كالفرت إلى أن البشرية تواجه في الوقت الحاضر مشكلتين حادتين، تتمثل الأولى في أن كثيرا من الموارد التي نعتبر وجودها الآن من المسلمات معرضة للنفاد في المستقبل القريب، أما الثانية فتتعلق بالتلوث المتزايد الذي تعاني منه بيئتنا في الوقت الحاضر والناتج عن الكم الكبير من الفضلات الضارة التي ننتجها. ونتيجة لذلك فقد أسهمت الضغوط المشتركة لكل من ازدياد الوعي بالندرة القادمة وتفاقم مشكلة السّمية في العالم إلى بروز مسألة الحفاظ على البيئة واستدامتها كموضوع مهم سواء في مجال الفكر أو السياسة (كالفرت و كالفرت 2002: 423). ففي المجال الفكري أسهم الشعور بالوضع المتدهور لبيئة الأرض في ظهور حقل معرفي جديد يعرف بالسياسة الإيكولوجية Ecopolitics التي عرّفها جيوماريز Guimaraes   على أنها "دراسة الأنساق السياسية من منظور بيئي"، والذي يعني أن الإلمام بعلم الطبيعة يعتبر بنفس أهمية الإلمام بالعلوم الاجتماعية والثقافية والسياسية عند دراسة الأنساق الإيكولوجية وقدراتها(نقلا عن: كالفرت وكالفرت 2002: 423). ولذلك فإن شيوع فكرة التنمية المستدامة في أدبيات التنمية السياسية منذ منتصف ثمانينات القرن العشرين مثل في جزء منه محاولة لتجاوز إخفاق النظرية السلوكية في مجال التنمية، التي تبنت نموذج الحداثة، والبحث عن نموذج جديد يعمل على التوفيق بين متطلبات التنمية والحفاظ على بيئة سليمة ومستدامة.
أما على المستوى السياسي فقد بدأ المجتمع الدولي، منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي، يدرك مدى الحاجة إلى مزيج من الجهود السياسية والعلمية لحل مشاكل البيئة وعندها أصبح مفهوم التنمية المستدامة يمثل نموذجا معرفيا للتنمية في العالم، وبدأ يحل مكان برنامج "التنمية بدون تدمير" Development without Destruction الذي قدمه برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP في السبعينات ومفهوم "التنمية الإيكولوجية" Ecodevelopment الذي تم تطبيقه في الثمانينات. ووصل الاهتمام العالمي بالقضية البيئية ذروته مع تبني مفهوم التنمية المستدامة على نطاق عالمي في مؤتمر قمة الأرضEarth Summit  الذي عقد في مدينة ريو دي جانيرو عام 1992م. وقد برز هذا الاهتمام العالمي بقضية البيئة بوضوح في تأكيد منهجية التنمية الإنسانية، وفقا لتقرير التنمية الإنسانية العالمي الصادر عام 1995، على عنصر الاستدامة، من خلال التأكيد على عدم إلحاق الضرر بالأجيال القادمة سواء بسبب استنزاف الموارد الطبيعية وتلويث البيئة أو بسبب الديون العامة التي تتحمل عبئها الأجيال اللاحقة أو بسبب عدم الاكتراث بتنمية الموارد البشرية مما يخلق ظروفاً صعبة في المستقبل نتيجة خيارات الحاضر(UNDP 1995).
وتحاول حركة الاستدامة اليوم تطوير وسائل اقتصادية وزراعية جديدة تكون قادرة على تلبية احتياجات الحاضر وتتمتع باستدامة ذاتية على الأمد الطويل، خاصة بعدما أتضح أن الوسائل المستخدمة حاليا في برامج حماية البيئة القائمة على استثمار قدر كبير من المال والجهد لم تعد مجدية نظرا لأن المجتمع الإنساني ذاته ينفق مبالغا وجهودا أكبر في شركات ومشاريع تتسبب في إحداث مثل تلك الأضرار. وهذا التناقض القائم في المجتمع الحديث بين الرغبة في حماية البيئة واستدامتها وتمويل الشركات والبرامج المدمرة للبيئة في الوقت نفسه هو الذي يفسر سبب الحاجة الماسة لتطوير نسق جديد مستدام يتطلب إحداث تغييرات ثقافية واسعة فضلا عن إصلاحات زراعية واقتصادية.

مفهوم التنمية

التنمية في اللغة من الفعل (نما) ونما الشئ نماءً  ونمواً بمعني زاد وكثر و(نما) الشئ  او  الحديث تنمية بمعني أنماه (المعجم الوسيط)  ص956
  وفي القرآن الكريم  ورد مفهوم التنمية تحت مصطلحات العمارة والتعمير في قوله تعالي(لَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)سورة هود، الاية:61
جاء مفهوم التمكين في قوله تعالي(وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ)سورة الاعراف الاية (11)
فالتمكين له معنيان عند علماء الفقه ،الاول يعني اتخاذ القرارومكان وموطن .والثاني يعني السيطرة والقدرة والتحكم(عمر ادم عبدالله بليلة،رسالة دكتوره)فالارض هي المسرح الاساسي لعمليات التنمية والتعمير عن طريق اتخاذ القرار في المكان والموطن المناسب مع القدرة علي التحكم في موارده الطبيعية عبارات    قوية(عمارة،تعمير،تمكين)في الارض ووضح وبين أسالبيها عن طريق اتخاذ القرارات في المكان والموطن ،المناسب ،التحكم في موارده،ويعتبر ذلك من اقوي المناهج التي تعمل علي تحقيق التنمية الموجهة في مساراتها المتحكمه في مواردها.
وبالتالي يعتبر القرآن الكريم هو اول من اشار الي التحكم في الموارد ،وقابل ذلك مفهوم "الاستدامة" تتخلص فلسفة الاستدامة في انه علي البشر الا يستهلكو من الموارد الطبيعية الا بقدر ما تتجدد به هذه الموارد ،وبمعني اخر با
 لقدر الذي يتحمله او يصمد امامه النظام او النسق اليكولوجي لذا فأن الجهود الاقليمية والدولية مثل مؤتمر قمة الارض المعني بوضع قوانين وتشريعات للبيئة ومواردها الطبيعية لايعتبر مفهوماً جديداً بل هذا مفهوم ذكره القران الكريم في معني العمارة والتعمير ،والتمكين بأتخاذ القرارات في المكان والموطن والتحكم في مواردها وبما ان القران هو صالح لاجيال الحاضر والمستقبل كما صلح للماضين فانه أشار الي ان القران هو صالح لاجيال الحاضر والمستقبل كما صلح للمضاين فأنه أشار الي التنمية ومفهومها يجب ان يكون متواصلا اي مستداماً اما مفهوم التنمية في الاصطلاح فقد عرفتها الامم المتحدة بأنها عملية شاملة لتطوير الاقتصاد الوطني ،وتغيير التوازن المختل في التجارة الخارجية ،وفكه من التبعية والتخلف ،والارتباط بأسواق اجننبية
وقد عرفتها في مفهوم اخر بأنه "الوسيلة الحقيقية لمكافحة التخلف والتفرقة والجهل في المجتمع ،وهي القوة الاولي والأساسية ،وهي عملية ديمغرافية لانها تؤكد علي المشاركة الشعبية والاسرية التي هي اداتها وغاياتها "
يستنتج من المفاهيم السابقة مايلي:.
ـ ان التنمية عملية شاملة لتطوير الاقتصاد الوطني واستثماره .
ـ تسعي الي اكتشاف الموارد وزيادة انتاجها وحسن استغلالها .
ـ تغيير التوازن المختل في ميزان التجارة الخارجية والتخلص من التبعية والتخلف.(عمرادم عبدالله بليلة،رسالة دكتورة،امدرمان الاسلامية،2010م ص27-30)

وجهات النظر المختلفة حول الأزمة البيئية والتنمية المستدامة

لقد كانت حركة الاستدامة البيئية، منذ بدايتها، منقسمة على نفسها- مثل معظم الحركات الاجتماعية الأخرى- إلى جناح معتدل عرف احيانا "بحركة الاستدامة الضعيفةweak sustainability" وآخر ثوري عرف أيضا "بحركة الاستدامة القويةstrong sustainability". ومع أن أجندة التنمية المستدامة في الوقت الحاضر تعكس انتصار الجناح البيئي المعتدل أو الإصلاحي  حيث أصبح الوجه الأكثر قبولا من الفكر البيئي لدى الساسة والحكومات في الدول الصناعية المتقدمة ، إلا أن الجناح الثوري من الحركة البيئية قد ناضل بدرجة أكبر من أجل الاهتمام بجوانب العدالة والديموقراطية للخطر البيئي مؤكدا على أن "العالم المستدام يجب أن يكون عالم أكثر تساويا(Lowe 2004, 28).

الاستدامة القوية(المتمركزة حول البيئة):

مع أن الاقترابات الاقتصادية للاستدامة الأضعف لم تطرح مسألة انسجام التنمية المستدامة مع النمو الاقتصادي حيث ركزت بشكل أساسي على النمو الاقتصادي، إلا أن محدودية الفضاء والموارد الطبيعية فضلا عن القدرة المحدودة للغلاف الجوي لاستيعاب وتخزين الغازات الدفئية يجعل التنمية المستدامة التي تتطلب نموا لا محدودا تبدو مستحيلة. ولذا ينظر أنصار الاستدامة القوية(المتمركزة حول البيئة) للأرض كمورد ناضب غير متجدد ومن ثم يزعمون أنه ليس هناك مستقبل بيئي ممكن إلا إذا تم تعديل جذري على جانب الطلب من المعادلة من خلال إعادة التفكير في موقفنا تجاه الطبيعة فضلا عن فكرتنا عن التقدم الاقتصادي والتنمية.  
ولذلك تؤكد وجهة النظر هذه المعروفة أيضا "بالإيكولوجية العميقة"deep ecology" " أو المذهب الإيكولوجي (التبيئو) ecologism (الذي يهتم بدراسة العلاقة بين الكائن الحي والبيئة التي يعيش فيها) "المتمركزة حول البيئة" "ecocentric" بأنه لابد من حدوث ثورة في النموذج الإرشادي المهيمن إذا ما أريد إنقاذ كوكب الأرض من الفساد البيئي. وتبعا لذلك فإن هذه النظرة ترى أنه لابد أن نعمل على تكييف أنفسنا للحفاظ على الطبيعة المهددة بالفناء بدلا من تكييف الأرض لتناسب احتياجاتنا. وقد تسبب إصرار أنصار هذا الاتجاه على إحداث تغير بنائي وثقافي في إثارة مخاوف كل من قطاع الأعمال والساسة وأولئك الناس الذين كانوا يرغبون في حلول جزئية للمشاكل البيئية. وقد مثل هذا التوجه حركة الرفض ضد سياسات وممارسات الشركات والحكومات المتعلقة بالبيئة في الدول المتقدمة.
ونتيجة لذلك يركز أنصار الجانب الأقوى للاستدامة على تغيير المطالب تجاه الأرض ويتبنون فهما مختلفا للتنمية المستدامة، حيث يعمدون إلى التأكيد على الاستدامة الإحيائية (البيولوجية) كشرط أولي لأي تنمية، بدلا من التركيز على التأثير الإنساني على استراتيجيات التنمية، ومن ثم ينظر للتنمية المستدامة كوسيلة لتحسين نوعية الحياة الإنسانية مع العيش ضمن حدود القدرة الاحتمالية للأنساق الحيوية للأرض.[1]
ويندرج تحت حركة الاستدامة القوية هذه عدة فروع للفلسفة البيئية ومنها الفلسفة الإيكولوجية العميقة  deep ecologyالمتمركزة حول المجال الحيوي(biocentrism) ، والفلسفة الإيكولوجية النسوية (ecofeminism) التي تعبر عن تنمية مستدامة (متمركزة حول المرأة).
وتعود جذور الإيكولوجية العميقة إلى الفيلسوف النرويجي آرني نايسArne Naess  الذي ركز على نقد حركة الاستدامة المتمركزة بشريا التي اهتمت بنظره أساسا بالتلوث واستنزاف الموارد. وتؤكد هذه الفلسفة على اعتبار البشر جزءا مكملا للنسق البيئي الذي يعتبر أعلى وأكبر من أي من أجزائه ومن ضمنهم البشر ومن ثم تضفي قيمة أكبر على الكائنات الحية والأنساق والعمليات البيئية في الطبيعة.
ويعتبر مبدأ نايس Naess's doctrine of biospheric egalitarianism للمساواة في المجال الحيوي، الذي يزعم أن لكل الكائنات الحية الحق نفسه في الحياة والازدهار، المبدأ الأساس للإيكولوجيا العميقة. ويتكون هذا المبدأ الذي يعتبر "قلب هذا التوجه" من ثمان نقاط هي:
إن سلامة واستمرار الحياة البشرية وغير البشرية على الأرض تمثل قيمة بحد ذاتها مستقلة عن نفع العالم غير البشري للاستهلاك البشري.
أن ثراء وتنوع أشكال الحياة يسهمان في تحقيق هذه القيم، ولهما قيمة في حد ذاتهما أيضا.
لا يحق للبشر إنقاص هذا التنوع إلا من خلال تلبية الحاجات الحيوية الأساسية.
يتوافق استمرار الحياة البشرية وثقافاتها، وكذلك الحياة غير البشرية، مع عدد أصغر من السكان على الأرض.
أن الاستغلال البشري الحالي للطبيعة مفرط جدا ويزداد الوضع سوءا.
يجب أن تتغير تلك السياسات لأنها تؤثر في البنى الأساسية الاقتصادية والتقنية والإيديولوجية.
لابد أن يكون التغيير الأيديولوجي الرئيس من النوع الذي يثمن نوعية الحياة أكثر من مشايعته لنمط العيش الاستهلاكي الحالي المتزايد باطراد.
على أولئك المؤيدين للنقاط السابقة التزام مباشر بمحاولة إنجاز التغييرات اللازمة
       وتبعا لذلك يتبنى أنصار هذا الاقتراب وجهة نظر مختلفة جدا فيما يتعلق بالعلاقة بين الناس والطبيعة حيث يزعمون أن هدف الاستدامة هو حماية الأنساق البيئية الطبيعية ليس من أجل خير وسعادة البشر فقط، كما هو الحال في النموذج المتمركز حول البشر، ولكن للتأكيد أيضا على أن للطبيعة حقوقا حيوية مشابهة، لا تحتاج إلى تبرير بمعايير منفعتها للبشر،   لا يجوز انتهاكها - مثلما أن هناك حقوقا إنسانية لا يمكن التنازل عنها مهما كانت المبررات. والمشكلة بالنسبة لهولاء الذين يعرفون "بالمتمركزين حول البيئة" أن تلك الحقوق الحيوية ليست محترمة في الوقت الحاضر بل أنها عرضة للانتهاك المستمر. ولذا دعا زيمرمان مثلا "إلى إلغاء وجهة النظر المتمركزة حول البشر التي تعتبر الإنسانية ذاتها مصدر كل القيم والتي تنظر للطبيعة حصرا على أنها موارد خام للاستغلال الإنساني" وتبعا لذلك فإن التمركز حول البشر قد أستبدل بالتمركز حول "المساواة البيئية الحيوية" التي تعني مساواة بين الكائنات الحية والتي تعترف بالحقوق غير الإنسانية أو الحيوية .
       وانطلاقا من هذه الخلفية الهادفة إلى إعادة تأهيل البيئة يستمر اقتراب الاستدامة الأقوى في تطوير نقده للتنمية الاقتصادية والتقدم. حيث يرى أنصار هذا الاقتراب أن المجتمع الإنساني- في سعيه اللا متناهي وراء المادية- يسير في الاتجاه الخطأ مع تحول وسائل تحقيق الغايات فيه إلى غايات في حد ذاتها. فالحصول على السلع المادية، مثلا، كان في الأساس وسيلة لتحقيق غاية السعادة إلا أن مثل تلك الوسيلة قد أصبحت اليوم غاية في ذاتها(1) .








مرجع سبق ذكره



          تقوم التنمية علي عملية الانتاج ، وخاصة الانتاج المادي الذي يتصدر كل اشكال الانتاج الاخري،لان علي الانسان ان يؤمنوا وسائل بقائهم احياء قبل ان ينغمسوا في النشاطات الاخري مثل الثقافية ،الفنية والسياسية والرياضية والروحية والترفيهية وغيرها.
ولذلك تعتبر عملية الانتاج اهم واعمق شكل من اشكال التفاعل بين المجتمع والبيئة الطبيعية ،ويقوم الناس عبرها بتحويل وتحوير مواضيع الطبيعة لسد احتياجاتهم وتلبية رغباتهم المختلفة ،ويحدثون من خلالها تبادل الموادوالطاقة والمعلومات مع بيئاتهم الطبيعية.
كان الاعتقاد السائد ان( التنمية) هي( النمو )ويجعل الثروة القومية المتوفرة لمجتمع معين ،معبر عنها بالناتج الاجمالي .ولكن بدا يتضح بجلا خطل هذه القناعة وهذا الفهم منذ بداية الستينيات ،وعندما كشفت حلات الفقر المطلق ،وعوز قطاعات واسعة من سكان المدن ومعظم سكان المناطق الريفية عدم العدالة الاجتماعية الناتجة عن هذا التعريف .
فقد تجلت هذة الحقيقة ان النمو الكبير  في معدل الناتج الاجمال المحلي ،في كثير من ارجاء المعمورة،قد صاحبة تدهور متزايد في ظروف مستوي حياة قطاع واسع ومتزايد من سكان المدينة والريف .ان استبعاد البعد الاجتماعي ،اي علاقات القوة وتوزيع الدخل والثروة ،من مفهوم التنمية يعكس الطبيعة الايدولوجية للمفهوم ،ويشكل تبريراً وحجاباً لاستغلال وافقار القطاعات العاملة من السكان . كما ان هذا المفهوم للتنمية يتسم بقصر النظر الزمني ،اي بالمدي القصير ،ولايعترف بضرورة استمرارية التنمية ،وبحق الاجيال القادمة في الحصول علي موارد كافية من حيث الكم والنوع لتلبية احتياجاتها ، وتحقيق رغباته المشروعة . اما برنامج الامم المتحدة الانمائي فقد حدد عدة معايير ،لقياس التنمية شملت بجانب الناتج الاجمالي المحلي ،متوسط الاعمار ،الصحة،التعليم ،نسبة المسجلين في المدارس،كفاية الغذاء،الانفاق العسكري،معدل نمو السكان ،معدل الخصوبة،خدمات تنظيم الاسرة،الموارد الطبيعية.

هناك اسس وافتراضات لابد من يشملهم تعريف التنمية:ـ

1 . التنمية ليست حالة ثابتة وساكنة ،ولكنها عملية متعددة الجوانب،يتم من خلالها تحقيق واثراء الرفاهية المادية وغير المادية للقطاعات الاوسع من السكان،والارتقاء المستمر بمستوي هذة الرفاهية.
2. ينبغي ان يكون النشاط من اجل تحقيق التنمية بالكيفية لبتي لاتحافظ فقط علي القدرة الانتاجية للموارد الطبيعية والبشرية ،بل وتساعد في تنمية هذة القدرة.هذا يعني أن تكون التنمية عملية مستمرة باستمرار التنمية إذا علي المحافظة علي الامكانيات القومية المتوفرة لدي المجتمع المعين ،وتطوير القدرات الانتاجية لهذة الامكانياتلا.وتتكون الامكانيات القومية من:ـ
أ . الامكانيات الايكولوجية ،مقومات البيئة الطبيعية من مناخ ،ومساحة ،واشكال السطح وتربات ،ومصادر مائية ،وحياة نباتية وحيوانية ،ومعادن ،وغيرها من الموارد الطبيعية.
ب . الامكانيات الاقتصادية ،اي الانشاءات والبنية التحتية ،من شبكات اتصال ونقل وطاقة ،والوحدات النتاجية الخدمية ،وغيرها.
ج . الامكانات البشرية اي حجم وخصائص القطاع المنتج من السكان ،والعوامل التي تؤثر في قدرتهم الانتاجية مثل الحالة الصحية ،ومستوي التغذية ،ومتوسط العمر الانتاجي ،وظروف الاجتماعية والثقافية ذات الغلاقة.
د . الامكانات العلمية والتقنية ،اي المهارات والخبرات المكتسبة في مجال الانتاج ،والمؤسسات العلمية والتقنية،التي تعمل علي توفير هذه المهارات.

      عرفت اتفاقية لومي الرابعة التنمية:ـ

(ان التنمية المستمرة تتطلب انتهاج سيلسة تعمل علي علي تشجيع المحافظة البيئة الطبيعية .وعلي التوازن بين الموارد الطبيعية من جانب ،والانسان والحيوان من الجانب الاخر ؛وعلي وجه الخصوص عبر وسائل مثل تحسين وتطوير الموارد المائية وإدارتها ،وا
نواع ملائمة من الزراعات ،والجمع بين الغابات وزراعة المحصولات،ومشروعات اعادة التشجير ،ومكافحة اسباب التصحر (1)



عبدالله بن جمعان الغامدي،التنمية المستدامة،السعودية،2017م



                                                              Develpmentمفهوم التنمية

ان التنمية جزء من نتاج الفكر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ،واصبحت قضية التنمية من القضايا التي تفرض نفسها علي الساسة والمفكرين .وتختلف مفهوم التنمية في المجتمعات علي حسب تقدمها ،ففي الدول الناميةتعني تغيير نمط الحياة وهي بذلك تعد ضرباً من التغيير درجي لانها ليست تغييراً في نمط الحياة ولكنها تطوير له
لقد اتخذ الاقتصاديون في ادبياتهم اتخاذ الزيادة المستمرة في الانتاج كمؤشر للتقدم.عرف( رستو) التنمية الاقتصادية بأنة الزيادة المستمرة في متوسط دخل الفرد عبر فترة زمنية محددة ودخول الاقتصاد مرحلة الانطلاق نحو النمط الذاتي المستمر ،وهذا هو التعريف السائد في كثير من الدراسات الاقتصادية . ويتضح من هذا انه مفهوم اقتصادي بحت، وهو مفهوم قاصر لانه يهتم بالزيادة اللانهائية للإنتاج ولم يضع اعتباراً لشمولية التنمية . ويوضح العالم الاقتصادي (باولدن) بأن انظمة الطبيعة تشكل حلقات مغلقة ،اما النشاطات الاقتصادية فهي خطية الاتجاه وتعتبر ان هناك معيناً لاينضب من الموارد.
يستعمل الاقصاديون اصطلاحات مختلفة كالنمو والنماء والتقدم والتطور عن مفاهيم متقاربة مفادها الانتقال من حالة الي حالة اعلي او افضل ،غير ان هنالك بعض الفروق في استعمال هذه المصطلحات ولدتها طرق الاستعمال .فالنمو يعني الزيادة وغالباً مايقصد به النمو العفو ي الذي يحدث دون تدخل السلطة باعداد البرامج او الخطط.اما التنمية فهي النمو الارادي المخطط المقصود والذي يتم التوصل الية بواسطة إجراءات وتدابير معينة يعبر عنها ببرامج وخطط وسياسات تهدف الي تحقيق معدلات معينة ومحددة من النمو.
 فرق كل من "آدم اسميث "و"فريدريك ليست" (بين عدد من مراحل النمو المختلفة التي تمر بها اقصاديات الدولة ،وهي مرحلة بدائية ثم مرحلة الرعي تليه الزراعة ثم الصناعة والتجارة) (1)



الخلاصة

مع تنامي اهتمام وسائل الإعلام بالقضايا البيئية أصبح الرأي العام أكثر اهتماما بإيجاد حلول لمشاكل من قبيل انقراض الكائنات الحية، والتغير المناخي، والتلوث والعمل على خلق مجتمع مستدام بيئيا. وقد بدا واضحا لهذه الدراسة أن عملية التحول إلى التنمية المستدامة لحماية المجال الحيوي للأرض تتطلب جهود كل المجتمع الإنساني فهي مطلب مبرمج ويجب أن ينجز من قبل الجميع وبلا استثناء. ولذا لابد من الانطلاق من النتيجة التي خلص إليها تقرير نادي روما بعنوان The First Global Revolution، الذي تبنى كتّابه النظرة القائلة أن مشكلة التنمية الحالية هي في حالات عديدة متداخلة وأكدوا فيه أن مشاكل البيئة، والطاقة، والسكان، والتنمية، ومصادر الغذاء، تمثل قضايا متداخلة ضمن إطار المشاكل الكونية، وأن جوهر تلك المشاكل يتمثل في حالة عدم التيقن تجاه مستقبل الإنسانية. ونظرا لأهمية التداخل بين تلك المشاكل، فإنه لا معنى لمواجهة كل عنصر منها منفردا، بل لابد من مواجهة متزامنة لكل تلك المشاكل في إطار إستراتيجية دولية منسقة، وأن نجاح أو فشل أول ثورة كونية يعتمد بشكل حاسم على هذا الأمر. فعلى سبيل المثال لا يمكن إيجاد حل ملائم للأزمة السكانية في العالم إلا إذا تم إيجاد حل ملائم لظاهرة الفقر المتفاقمة، كذلك ستستمر ظاهرة انقراض الكائنات الحية من حيوان ونبات بمعدلات مريعة طالما بقي العالم النامي غارقا في الديون، وفقط عندما يتم وقف تجارة السلاح الدولية يمكن أن يتوفر للعالم الموارد اللازمة لإيقاف التدهور الخطير للمجال الحيوي والحياة الإنسانية. وفي الحقيقة فإنه كلما درسنا وحللنا الموقف كلما زاد إدراكنا في نهاية الأمر بأن المشاكل البيئية المتعددة ليست إلا وجوه مختلفة لأزمة واحدة ووحيدة، هي بالتأكيد، أزمة إدراك تنبع من حقيقة أن معظم الناس وخاصة المؤسسات الاجتماعية الكبيرة في الدول المتقدمة تتبنى مفاهيم (لم تعد ملائمة لمعالجة مشاكل عالم  اليوم) نموذج الحداثة الذي هيمن على الثقافة الصناعية الغربية لقرون من الزمن تمكن خلالها من صياغة المجتمع الحديث وأثر بشكل كبير في كل أنحاء العالم من خلال فرضه لعدد من الأفكار والقيم كالنظرة للعالم كنسق أو نظام ميكانيكي مؤلف من عناصر بناء أولية، والنظرة لجسم لإنسان كألة، والنظرة للحياة في المجتمع كصراع تنافسي من أجل البقاء، والإيمان بالقدرة على تحقيق تقدم مادي غير محدود من خلال النمو الاقتصادي والتقني.



اهم المراجع:


1 . جلال الدين الطيب.الجغرافية والبيئةوالتنمية الاسس والمهام،صنعاء،1994م
2 .  عبدالله بن جمعان الغامدي،التنمية المستدامة،السعودية،2017م
3 . رسالة دكتورة ،عمرادم عبدالله بليلة، التنمية الزراعية ومهددات استدامتها،امدرمان الاسلامية،2010م، ص27-30.
. [1][1] 4 . جلال الدين الطيب ،الجغرافيا والبيئة والتنمية،صنعاء،دارالحكمة للطباعة والنشر،1994م،-



هل أعجبك الموضوع ؟

هناك تعليق واحد:

  1. ما رأيك يرى بعض من منتقدي النموذج التنموي إلى الدعوة إلى نموذج تنموي بديل مستدام. حد يعرف الإجابة بتعتوا

    ردحذف

. . . .